الصفحـــــــة الرئيـســـــــــة

الخميس، 28 يوليو 2011

تكست -العدد 14 -السيّدةُ صانِعةُ النّبيذِ و نصوص اخرى للشاعر طارق الكرمي

طارق الكرمي

السيّدةُ صانِعةُ النّبيذِ

جورجيتُ صانعةُ نبيذٍ بيتيّ (أو النّبيذَ البيتوتيَّ) و

جورجيتُ تُربّي كرمةَ عنبٍ في حديقةِ منزلِها

(لِتَحْتَلِبَها لنا في رضّاعاتٍ لها سُدادتُ الفِلّينِ)

داليةُ العِنَبِ هي كلُّ ما تملِكهُ هذي السّيدةُ

نذهبُ إلى جورجيتَ لنبتاعَ نبيذَها يَلسَعُ

دائماً يا ما كنتُ أقولُ لجورجيتَ:

لو كانَ لي منزلٌ بحديقةٍ لأزرَعُكِ فيها داليَةً

لو كانَ لي منزلٌ بحديقةٍ لزرعتُ أزرعُ داليةَ العِنَبِ

لأقولَ للدّاليةِ وأنا أَنْحَني: السّلامُ عليكِ

يا أمَّنا الدّاليَةَ جورجيتْ..

المرأةُ العدّاءةُ

منذُ مطلعِ النّجمةِ فجراً تبدئينَ مراثونَكِ المُعتادَ في المنزِلِ..تركضينَ أميالاً بينَ المطبخِ والصّالونِ..سنواتٍ ضوئيّةً تقطعينَ (إذا قطعتِ) بينَ الشّرفةِ والممرّاتِ..تهبطينَ جبلاً من أوانٍ وصحونٍ وملاعقَ لتصعدي تلّاً من ملابِسَ مكوّمةٍ..بينَ ما تُنظّفينُهُ من غُبارٍ (كانَ أحاديثَ الأمسِ)..وبينَ ما تمسَحينهُ من قذىً في عينِ النّافذةِ..وبينَ بلاطِ الأرضيّةِ التي كادَ أنْ يكونَ السّقفَ..أنتِ الفرسُ تعدو سُدىً (مكانَها) أو أنتِ هوَ اليويو بينَ الغُرفِ..حتّى تحوّلتِ بقامتِكِ إلى مِكنسَةٍ (هلْ تكنُسُ إلاّ أيامَها)..لكنْ في آخرِ الأمرِ هل يوجدُ آخرةٌ للمضمارِ في المنزلِ العائليِّ..هلْ من أحدٍ سيقولُ: ألفُ تشكرينَ..أَمِنْ أحدٍ يُقلِّدكِ ميداليةً (لو كّذِباً) حينَ تنتهي مُحالاً أو يُنهيكِ تماماً هذا المراثون..

السّطوُ الأبيضُ تماماً

تقترِبُ السّاعةُ مِنْ ثالِثتِها صُبحاً

وأنتِ تتغمّسينَ في عسلِ منامِكِ الآنَ

اللّيلةَ ساخراً مِن البوليسِ وكلابِهِمْ أسطو على خزانةِ ملابِسِكِ

أسطو بشهيّةِ علي بابا واللّصوصِ الأربعينَ وبغريزةِ "روبن هودَ" فتى الصّعاليكِ

سوفَ أنهبُ الرّائحةَ القديمةَ حينَ أفتحُ بابَها..أنهبُ قمصانَكِ المُشتهاةَ

المايوهَ و سراويلكَ المُشكّلةَ

فساتينَكِ المفوّحةَ برحلاتِكِ البحريّةِ وحفلاتِ اللورداتِ

جوارِبَكِ اللّحمَ

ستياناتِكِ التي أخذتْ شكلَ هرمِ ثديِكِ

معطفَكِ الذي ضحّى من أجلِهِ 7ثعالبَ و3دببةٍ 4سناجيبَ..إلخ..

كنادرَكِ ذاتِ الكعبِ وغيرَ ذات الكعبِ..

(إنَّ مصاغَكِ لا يعنيني البتّةَ ولا أنْ أدخلُ غينسَ لهذا العامِ)

ثمّةَ في خزانتِكِ ما يُهْوِسُني حقّاً

ثمّةَ ما ليسَ لدى البنكِ المركزيِّ

أو في خزائنِِ الدّولةِ

وقبلَ ألوذُ بما نهبتُ وبأحمرِ شفتيِكِ سوفَ أوقِّعُ على مرآتِكِ تحياتي و

أرسمُ قلبَ اللِّصِ الأمير

اللّعبةُ السّوداءُ

لو أَنّني مُدرِّبُ طيورٍ (حتّى لو كنتُ أكونُ الخائبَ أنْ أُدرِّبَ قلبي يُجذِّفُ في السّماواتِ ويُقرصِنُ..)

لو كنتُ مُدرِّبَ الطّيورِ

لَأُمْسِكنَّ هذا الصّباحَ بالهُدهُدِ جاسوسِ سُليمانَ

أُدخِلُهُ مدرسةَ التّدريبِ (غُرفةَ الأضلاعِ المهجورةِ أو حديقةَ منزلي التي يتشمّسُ فيها القتلى) ثمَّ

بَعدها أطلِقُ الهُدهُدَ عميلاً مُزدَوجاً

ليلةٌ حمراءُ

كالملدوغةِ ارتجّتْ ترتجُّ صديقتي..تقولُ: لا تَقْرَبْني الآنَ..اترُكْني أرجوكَ..أعلمُ أنكَ المَمْحونُ بي هذي اللّيلةَ..لكنَّ مُزاجي احتباسُ كوكبِنا الأرضِ هذي اللّحظةَ..مُزاجي الليلةَ هوَ النينيو..لنْ يكونَ سريرُنا مِن لُهاثٍ وغيمٍ يُمطِرُ عَرَقَنا هذي الليلةَ..ابتعدْ أرجوكَ وَدَعْني حتى لو أصدَأُ..ألا ترى في التلفازِ القتلى يتدفّقونَ من الشّاشةِ..القتلى في الطّرقاتِ.. وأنا القتيلةُ بكلِّ ما أراهُ..لا تَقْرَبني الليلةَ أرجوكَ..لنا أنْ نُشعِلَ لهمْ الشّمعَ..أو نَفقَأَ ضَوْءَ الغرفةِ و ننامُ هادِئَيْنِ كالقتلى..أو ننامُ القتلى

ليلةُ ثلجٍ

اللّيلةَ يشتعِلُ الثّلجُ لَسْعاً وروائحَ بِكْرٍ..قُلِ: الليلةُ تشتَعِلُ بالثّلجِ نيازِكَ قُطنيّةً وأزهاراً مُجمَرَةً وبِساطَ سماءٍ..الثّلجُ اللّيلةَ يَبلُغُ مَبلَغَهُ..حتّى وصلَ الغُرفةَ العُليا مِنَ الطّابقِ الثّاني..فتاتي وأنا رهنُ هذي الغرفةِ العُليا..حيثُ لا موقِدَ يَدفَعُ عنّا جحيمَ البردِ..لا نبيذَ يُسافِرُ بنا..اقتربي يا فتاتي..الثّلجُ في الخارجِ غضٌّ كلحمِكِ..ادخُلي بي كما يدخُلُ الماءُ في الماءِ..التصقي بي حتى يذوبَ الثّلج..

العالمِ كما يجبُ *

إلى ن

كتَلّ مِن عِظامِ النّحلِ وألسِنةِ الطّيرِ هي أيامي..كتَلّ مِن بساطيرِ بيادقةِ يعقوبَ اللهِ..كتلّ مِن هُراءِ عاهراتِ "جَنَوا"..من فوطِ الأطفالِ..مِنْ أعقابِ أصابعي حَشّشَها مِثليو العالمِ..كأهراماتٍ مِنْ سعالِ الكمنجاتِ..

بأجنحةٍ مِنْ باركينسونَ أمتَثِلُ أمامَ غدائرِكِ..تَنْعاني الرّجفةُ على جرسِ فمكِ..عالِجي الغيمَ بمطرِكِ..عالجي الزّجاجَ بمخالِبكِ ورأسي بالصّداعِ..يتدفّقُ مِنْ فَمي الكلامُ كدمِ العادةِ (لا ينقطِعُ) ..لِفمي سحّابُ بنطالٍ..هلْ سأُبادِلُ أمّي بمُكيِّفِ الهواءِ حينَ يهجُمُ تنّينُ الخماسينِ..وأغنّي كحيوانٍ ابتلعَ سكّيناً بالعَرضِ أو مِنجلاً..العالمُ حشرةٌ في أذني..مِنْ أينَ للصّنوبرِ رائحةُ إبطِكِ..والذي بصقَ في صحنِ وجهي قلتُ لهُ الصّبحَ صباحُكَ خيرٌ..لقد كلّمني صوتي حتى نَبَتَ على لساني عانةٌ..حتى صارَ لساني عظمةً..كتائبُ نملٍ في قارّةِ غرفتي..سأسْلِمُ نفسي لِيُشيّعني النّملُ إلى بيتِهِ العالمِ..أنفاسي قطارٌ خردةٌ..لماذا أحبُّكِ..عينايَ طابعانِ لبريدِ وجهي الذي لا يُسافرُ إلا إلى ملامِحِكِ..لماذا يَقفزُ وجهي مِن ملامحِهِ ليكونَ بينَ يديكِ..الآنَ أدَوِّرُكِ زهرةَ الصّبّارِ بينَ أصابعي..تَلَمّسي مَلامحي في حَجرِ الشّاهدةِ..أسيرُ وجَسدي نعشي..قبري لو أنّهُ الغيمة في راحتيكِ..هل لي..أنا خارجَ التّغطِيةِ حينَ ترسِلُ عيناكِ بلوتوثاً مُعادياً..عيناكِ وحدَها تُقرصِنُ في ليلي..اذكُريني إذا أصابَ السّنونو اسمُكِ على حافةِ السّماءِ ليرتمي على السّمواتِ..مَنْ يُزرِّرُ الهواءَ البحريَّ قميصاً لكِ..ها أنا أكتبُ الآنَ ما يخونُ القصيدةَ..أكتبُ لأني لا أطيقُ الكتابةَ..أنا أعرِزُ أسناني في كتفِ الكتابةِ..الآنَ أشخذُ أصابعي ناياتٍ في لحمِ الأغاني..كيفَ لا يَنْعَسُ القصبُ إذا زَفزَفَتِ الريحُ من حَلْقِ البحرِ..لساني بشعبتينِ..كيفَ لديكِ أكتُمُ الفحيحَ..حتى صوتي غادَرَني على ضَحْضاحِهِ..هلْ تعرفُ الفراشةُ عن كيفَ نهداكِ يرفّانِ..سأقولُ لأمي أنتِ أوّلُ من خانَ اللهَ في سريرِ أبي..هراءٌ..لا أصافحُ حتى يدي..هراءٌ من أنا حينَ أطبعُ عَيْنَيْ طفلٍ وحمةً على لحمِ الصّرخةِ..اعبرُي جسدي الحديقةَ اليبابَ..جسدي الجسرَ إلى اللهِ..هذا كرسيُّ بجانبي لا أعرفُ لماذا يجلسُ أمامي خارجَ الكُرسيِّ..لمّ سريري لا يتمدّدُ في سريرِهِ..ها بدأَ الحلمُ فلأدخلِ المنامَ مِنْ بابِ ما تتثائبينَ..دخلتُ أدخُلُ غُرفتي هذا المساءَ..المشجبُ يُعلقُ لحمي قميصاً أخيراً..قهوةٌ تُريقُ فناجينَها على الأرضيّةِ..خيولٌ تهربُ خارجَ اللّوحةِ على الجدارِ..جواربُكِ اسْتَعمَلَها لصوصُ البنوكِ أقنعةً..الشراشفُ عاريةٌ..البلاطُ مُلطّخٌ بخُطى الملاكِ..ماءُ صُلبي ينزِفُ لكِ من الصُنبورِ..الطاولةُ تجلسُ بعيدةً..قيامةٌ في غرفتي..أحدِّقُ في الخرابِ اللّذيذِ..الأشياءُ تقفُ لتقولَ لي فتاتُكَ مرّتْ مِن هنا..كم لا أحبُّكِ إلا كثيراً بعددِ أصابعِ الأطفالِ وإلاّ حينَ أعبدُ ساقيكِ أشجاراً لمنامِ الحدائقِ..بعدَ خمسِ دقائقَ سأفعلُ لاشيءَ..قلبي عُبْوَةٌ تحتَ سريرِكِ حاذري..كم أنا مُتّهمٌ بي..كم أنَّ قلبكِ مُتّهَمٌ بنَبضي المُقطّرِ..كم أنا لصٌ يقبضُ على شُرطيّ.. كمْ أنتِ داليةٌ لأهديكِ عُروقي أعصاباً..سأرسِلُ كفيَّ مفتوحتينِ مُصحفاً لكِ..خربشي كفيَّ المُصحفَ....للمرّةِ ما قبلَ الصِّفرِ أسألُكِ لماذا أعبدُ أصابعَكِ كلما تطاولَ القصبُ..خُذيني حيثُ لا يَعوي في الليلِ قِطارٌ..خُذيني حيثُ يَنْتَهِكُ النّحلُ الزّهرَ على قميصِكِ النّومِ..حيثُ يهتِكُ الطّيرُ سِرَّ الفجرِ ثمَّ أخرجيني من جيبِكِ وابذُريني للمُتسولينَ في محطةِ المترو..إني أغرزُ عينيَّ في الجدارِ كي يُبصِرني مرّةً..لحمي مُشتهىً لِمُدمني الهامبورغرِ..دمي اللّعابُ لِمصّاصي النّبيذِ..أنا أعملُ مُذيعاً في راديو لا يُذيعُ..أذيعُ لكِ برنامجي الحُبيَّ على موجةِ الصُّرصارِ ليلاً..على رادارِ الخَفّاشِ..على موجةِ FM منْ عُواءِ بناتِ آوى..لا تُفلِتي يدي..لا تترُكيني في الزّحامِ..أنتِ آخرُ ثُفلٍ في قهوةِ الأرضِ والأرضُ فنجاني..آخرُ سبعةِ أمتارٍ منْ أنفاسي..الرّصيفُ الذي هجرَ الشّارعَ..أنتِ منزلي اللّيجو في لعبةِ الطّيرانِ الحربيِّ..يُحمِّصُني البردُ..سيبيريا تتَلَهّبُ وردةً فاحمةً على أصابعي..كوني بينَ أصابعي والوردةِ حديقةَ البشَرِ..هلْ يبلُغُكِ صوتي مُختَرِقاً دائرةَ الجماركِ

إني أصيحُ بأعلى صَمتي..هلْ تَسْمَعينني الآن...

طارق الكرمي

من مواليد 23\3\1975

يعيش في مدينة طولكرم




الساحليه..تبعد عن البحر المتوسط 11 كيلومتر

حضر العديد من المهرجانات الشعريه العالميه في فرنسا وسلطنة عُمان وبيروت وغيرها

يعمل في معهد موسيقى أستاذ آلة الناي..

حاصل على بكالوريوس






ادراة الأعمال وفرعي تصميم الدعايات الاعلانيه

كما يعمل معد برامج ومذيع في اذاعة محليه في فلسطين

لديه العديد من الدواوين الشعريه الصادره في فلسطين و خارجها ومنها ديوان قصائد إلى أنثى الندى..ديوان مساءاتٌ للمقامرةِ..ديوان ضُحى الوحيد..ديوان مَدرجُ الثّورِ..كتاب عين الأعمى الجميل..ديوان ما أجملهُ الفحمُ الأبيض..ديوان النص..ديوان قصائدُ ملتبسةٌ

ولديه موقع خاص

*كتبت النصوص في طولكرم

الـعـــــودة للصفحــــة الرئيســـــة – العـــدد 14

العــــــودة للصفحـــة الام - تكست جريدة شهرية ثقافية مستقلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق